العام الثَّامِن والسّتُّون للدَّاهِشِيَّة

 

بِقَلم مُنير مراد

ترجمة يوسف ق. سلامة

 

العام الثَّامِن والسِّتُّون للدَّاهِشِيَّة

 

قَبْلَ سَبْعِ سَنَواتٍ، كَتَبْتُ المَقالة التَّالية في الإحتفال بَمَولِدِ الدَّاهِشِيَّةِ. لقد وَجَدْتها مُناسِبَةً في مضمونها؛ في الذكرى السَّنَوِيَّة الثَّامِنة والسِّتّين كما في الذِّكْرى الخامِسَة والسَّبْعين. أقدِّمها مرة أخرى إلى القُرَّاء، والحُكْم عائد لَهُم.

 

العام الثَّامِن والسّتُّون للدَّاهِشِيَّة

لقد مَضى ثلاثة ألاف سَنة منذُ قَدَّم لنا موسى الوَصايا العَشْر وأبْسَط القوانين للعَيْشِ باسْتقامة؛ وهي التي تُشَكل أساس اليهوديَّة والمسيحِيّة والإسلام. مَضَى ألْفا سَنَةٍ مُنذُ بَشَّرَنا السيّد المسيح عن التَّواضُع، والرَّحْمة، والمَحَبَّة. مَرَّ ألف عام ونِصف منذُ حَوَّل النَّبِي محمَّد (صَلَّى الله عليه وسَلَّم) عابِدِيّ الأوثان في شِبه الجزيرة العربيَّة إلى شَعْبٍ يَخْشى الله. ثلاثة أنبياء من الله، من نَسْلِ النبيّ إبراهيم، أرْسوا القواعِد الإنسانِيَّة للسُّلوكِ الإنسانِيّ السَّليم، وقَدَّموا لَنا معْلومات غَنِيَّة حول وجودنا. قد يأخُذ المَرْء بالظَّن بأن أتباع هذه الديانات سَتَعْتَرِف بذلك النَّسَب وتَعْتَرِف ببعضها البعْض. لكن بَدَلاً من ذلك، حَدَثَ انْقِسام في كُلّ دين من هذه الأديان، وبالإضافة إلى القتال الجاري (بين أبناء الدّين نفسه)، يَسْتَمِر القِتال بين الأديان حَتَّى يومنا هذا.

 

منذ زَمَن موسى وحَتَّى يومنا هذا، تَحَمَّلَت الإنسانيّة أكثر أفْعال العُنْفِ ترْويعاً- كُلّها باسم الدّين. في الواقِع، لا يمكن لأي دين أن يُقِرّ بِهكذا سُلوك. منذ أواخِر القرن التاسِع عَشَر وحَتَّى يومنا هذا، جَلَبَتِ المَعْرِفة العِلْمِيَّة والإكتشافات إخْتراعات وإنجازات كثيرة إلى الإنسانِيّة، لكنَّها  مع كُل ذلك، جَلَبَت الشَّك في الخالِق وفي هذا الكون وفي الروحانِيَّة. إنّ إنجيل المسيح عن التَّواضع، والرَّحْمة، والمَحَبَّة، لَم يُثْنِ المسيحيين عن محاربة بعضهم البَعْض في الحَرْب العالَمِيَّة الأولَى. وبرغم أهْوالِ هذه الحَرْب، لم تتعَلَّم الإنسانِيَّة الدَّرْس؛ فكانت النَّتيجة حرباً عالمِيَّة ثانِية أكثر وحْشِيَّةً وشراسَة.

 

في وقت اندلاع الحرب العالمِيّة الثَّانِية، كانت الإنسانِيَّة غارِقة في كراهِيتها وشرورها، حيث جَرى اسْتغلال الإنسان لأخيه الإنسان بأكثر الأشكال المُرَوِّعة مُسْتخْدِما أكثر الأساليب ظُلْماً. ومن الصَّعْب التَنَبُؤ بِما سَتَؤولُ إليه الأحْداث العالَمِيَّة في تطَوُّرها المُؤَدّي إلى حَرب عالَمِيَّة ثالِثَة- حرْبٌ لا مَثيلَ لَها، لأنها  لا يُمْكِن أن تُسَبِّب إلَّا الدَّمار في جميع أنحاءِ العالَم، وَرُبَّما انقِراض الحياة على الأرْض. الأمر الذي سيكون تحقيقاً لنُبوءاتِ الكُتُبِ المُقَدَّسَة كافَّةً. لقد قَدَّمَتْ رحمة الله للبَشَرِيَّة طريقاً جديداً للخلاص في 23 مارس 1942، وذلكَ عندما أعْلَنَت الأرواح من خلال الدكتور داهِش ظهور الدَّاهِشِيَّة. فإنَّ التَّعاليم الدَّاهِشِيَّة النَّبيلة سَتُحْضِر المَرء إلى إدراك أن منبع جميع الأديان هو واحِدٌ، وأنَّ كُلَّها تقود إلى الخَلاص. كما أن الداهِشِيَّة ستروي عَطَشَ أولئك الذين يسعون إلى المَعْرِفة والتَّنوير حول ما لِعوالم الروح، وَالعدالة الإلهِيَّة، وَسَبَب وجودنا، (ومعنى) الهدف النّهائيّ المُتَمَثِّل في أنَّنا واحدٌ مَعَ الخالِقِ.

 

على الرَّغم من مغادرة النّبيّ الحبيب إيَّانا بانطلاقِهِ إلى عالَمِهِ منذ ستّة وعِشرين سَنة، فإنَّ عَزْمَ الدّاهشيين على نَشْرِ الرّسالة السَّماوِيّة لن يتزَعْزَع. لن تُثْني أي مَشَقة المُؤمِنين الحقيقيُّين عن التَّحَرُّك إلى الأمام، لن يُضْعِفْ إيمانهُم أي إنْزعاج أو خسائر ماديَّة، ولن يوقِفْ الدَّاهِشِيَّة أي اضطهاد أو اسْتِشهاد للوصول إلى أيّ إنسان اسْتَحَقّ شَرَفَ تَلَقّي التَّوجيهَ الإلهِيَّ. ليست الداهِشِيَّة للخجولين وضعفاء القلَب، كما أنها، وبكل تأكيد، ليست لأولئكَ المُتَعَجْرِفين، وعَدِيمِيّ الجَدْوى، والمادِّيين. إذا كُنْتَ داهِشِيَّاً، وَلَمْ تَعِشْ بمُقْتَضى مسْؤولِيَّتكَ اتّجاه الدَّاهِشِيَّة ونَبِيّنا الحبيب الهادي، فإنَّ عواقِب روحِيَّة وخيمة سوف تترَتّب على ذلك.

المسيرة مُسْتَمِرَّة والدَّاهِشِيَّة سَتَنْتَشِر!

 

مُنير مراد

20 مارس عام 2010