عيدُ السَّلامِ (الميلادُ في الله)

 

الميلاد في الله

 

بِقَلَم يوسف ق. سلامة

 

عيد السَّلامِ، عيدُ البِرِّ، العيدُ الجامِعُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ. أجَل، ها قَدْ جاءَ العيدُ ثانيةً لِنَتَذَكَّر بِنِعْمَةِ الله تعالى وبِقُوَّتِهِ وِلادة مَعْدنِ الطُّهْر السيّد المسيح عَليهِ السَّلام.

جاءَ مُجَسِّداً مَعْنى التَّواضُعِ والإيمان والرَّجاء وفوق ذلك المَحَبَّة الأخَوِيَّة الطَّاهِرة السَّماوِيَّة الفائقة. جاءَ فَنَبَذَهُ وَاضْطَهَدَهُ  أبناء ُ وطَنهِ، لَكِنَّهُ جاهَدَ روحِيَّاً وانْتَصَر بِتَطْبيقهِ كَلِمةَ الله تعالى بِحذافيرِها.

جاءَ فَعَلَّمَنا أنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ هو صِلَةَ القرابة بين المُؤمِن/ة والمُؤمِن/ة بِالأُخُوَّة، وبالتَّالي زوال كُل مَعْنى مادِّيٍ جسَدِيٍّ أرْضِيٍّ، وَقْتيٍّ.

نَعَمْ، القريب أو النَّسيب هو مَنْ يعْمَل الخير مع الإنسان الآخر بِغَضِّ النَّظَر عن طائفَته ولَونِهِ وعِرْقِهِ.

 

إنَّ سَيَّال عَمَلَ الخير بالتَّسامُح هو الذي يَجْمَعنا بالمَحبَّة السَّماوِيَّة الفاعِلَة، والإيمان والرَّجاء بالخلاص.

 

إنَّ الرَّابِطَ الجَسِدي لا يُعَدُّ شَيْئاً أمام العَمَل بالإيمان. وهُنا نَجِدُ المُقارَنة واضِحة؛ إذ كِلاهُما يُعَدُّ رابِطاً، إلَّا أنَّ الرُّوحِيّ باقٍ بنظامِهِ السَّماوي، أمَّا الأرْضي فَزائل بِوقتِيَّتِهِ.

 

إنَّ المُؤمِن أخو المُؤْمِن بِغَضِّ النَّظَر عن مكانِهِ وجِنْسِيَّتِهِ وَجِنْسِهِ ودينِهِ، أكان من مَشْرِقِ الأرْضِ أم مِن مَغْرِبِها. في شمالِها أو في جنوبِها؛ فَكُلُّنا عائِلَة واحِدة لكِن بالإيمان والرُّوح.

 

الوِلادة الرُّوحِيَّة التي تَمَّ مَعْناها بِمَجيئِ الدُّكتور داهِش هي خير مِثالٍ على الوِلادة الرُّوحِيَّة في القَلْب وفي الله تعالى.

 

إنَّهُ إيمان الله الذي يُزيلُ كُلّ قُيود الأرْضِ المادِيَّة الدَّاعِيَةِ إلى التَّناحُرِ والتَّعَصُّبِ الأعْمى وسَفْكِ الدِّماء الذي يَفعلهُ بَعْض المُتَسَتِّرين خلف حجاب الدّين الطَّاهِر وهو مِنْهُم بَراء.

 

إذَن فَلْنَعِش ما بَدَأهُ السيّد المسيح عليه السَّلام ثُمَّ تَمَّمَهُ الدكتور داهِش بِخُلاصَةِ بِما قَدَّمَتْهُ الرُّوح لِأبناءِ الأرْض.

 

وكُل عيد وأنْتُم بِخَيْر.

 

25-12-2016

 

خلاص الإنسان في وحدة الأديان

إن فكرة وحدة الأديان وتوحيد جوهر الرسالات الروحية, التي دعت إليها الرسالة الداهشية، ليست نظرية فلسفية أو هدفاً ماورائياً، انها دعوةٌ تطبيقية جذرية في تفكير الإنسان ومبدأ أخلاقي يحتاج إلى مجهود جبار تتغلب فيه النفس على فكرة الأنا و فكرة الجماعة، وتحطم أسس التعصب والطائفية التي تغلغلت في النفس البشرية عبر الأحقاب والأدهار، فأصبحت جزءًا متوارثاً من جيل إلى جيل، وسرطاناً ينخر الروح قبل الجسد، ويقتل الأمل والمستقبل قبل الحاضر والماضي.

إن وحدة الأديان الجوهرية هي نهضةٌ روحية جبارة، هي بذرةٌ إلهية مقدسة، تربتها قلب الإنسان وفكره، وهوائها التحرر الفكري، ومائها الإيمان بالحقيقة المطلقة التي لا تتجزء، وشمسها اللاأنانية والتواضع الكلي أمام حكمة الخالق، وثمرتها هي الراحة النفسية والطمأنينة الروحية والشعور بوحدة طاهرة مع الخالق ومع الجميع دون إستثناء بغض النظر عن العرق أو ألدين أو الجنس، وتتعداها الى كل الكائنات من حيوان ونبات وجماد.

هذه النهضة الروحية قوامها الوعي الحقيقي، ظاهرها بسيط ولكن حقيقتها عميقة وعظيمة. فالساعي إلى الوحدة الروحية الدينية، إن كان مسلماً يقرأ قرآنه ويفهم جوهره بتجرد ودون ضغط أو تقاليد المجتمع والماضي، ثم ينطلق منه لقراءة الإنجيل وفهم جوهر ألدين المسيحي وأخذ العبر منه، كما يقرأ التوراة وقصص الأنبياء مستشفاً منها رحمة الله وعدله، كما يفهم تعاليم الهداة والمصلحين، فيقرأ الغيتا، وحقائق بوذا النبيلة المقدسة، كما لا يتوانى كلما سنحت الفرصة إلى التقرب من أفكار كنفوشيوس ولاو تسو وغيرهم، كما يقرأ حياة العظماء الذين كانوا نبراساً للبشرية عبر التاريخ مثل سقراط وغاندي وجبران خليل جبران وسواهم.

وكذلك المؤمنون بباقي الأديان يسيرون على ذات الطريق والمسار هادفين إلى التنور وفهم حقائق الرسالات والأفكار التي أنارت ظلمات البشرية الحزينة عبر الأزمان.

عندها، يصل المؤمن إلى جوهر الديانات والرسالات الروحية، فيرى بأم عينه أن هدفها واحد ومرسلها واحد. ويلمس جوهرها بروحه التي ارتوت من الحقائق الروحية مهما كان مصدرها، فيرى في الأديان نوافذ إلى الله،جل جلاله، ويعي في فكره وعيه أن جميع الأديان جذوع من شجرة واحدة، هي شجرة الله المقدسة التي لا تنتمي الى دين أو طائفة، بل إلى ألحق والمحبة والتآخي.

عندها فقط، يؤمن الجميع , كما قال الدكتور داهش، أن طريق الله في قلب كل إنسان; فليس من شعب الله المختار، ولا من خير أمةٍ أخرجت للناس، ولا لمن لا يخلص إلا بطريقٍ واحد. فالجميع سواسية أمام الخالق، وما يجمع البشرية وأعمق مما يفرقها.

عندها فقط تتلاشى الأحقاد وتفنى الحروب الدينية والطائفية، لأنه عندها يعرف البشر أن الأديان في جوهرها واحد، فيتآخون على محبة الله ومحبة بعضهم بعض.

هذا جل وجوهر ما تدعو إلى الداهشية. هذه الرسالة الروحية لم تظهر لتزيد على الأديان دين، بل أتت لتوحد الأديان تحت راية الله والحقيقة. 

دفاعاً عن الداهشيَّة

دِفاعاً عن الداهِشيَّة 

 

الداهشية هي رسالة أمل وسلام وفوق ذلك محبَّة أخويَّة.

إنها رسالة سماويَّة وقفت ضِدَّ كل تطَرّفّ دينيّ وسياسيّ متحديّة كل التعاليم التي تحاول زرع بذوره في عقول أنقياء العقول وأبرياء النَّفْس وهادمة كُل سلاسل التَّمييز العُنْصُريّ الدّينيّ والجِنسيّ والسّياسيّ.

 

إنّه لَمِن دواعي الشَّرَف والّسرور لنا كَداهِشِيين أن ننشُر تعاليم هذه الرّسالة السَّماويَّة المجيدة، الدَّاهِشيَّة، في أي مكان تَسْمح به عين عناية الله السَّاهِرة حيث يتم ذلك الإجتماع الرُّوحيّ إنَّها لَبَركة عظيمة.

 

من المهم جِدَّاً أن نُلْقي الضوء على قضيَّة اجتماعيَّة مُهَدّدَة للمجتَمع وهيس في مواجهة مستَمِرَّة لها؛ ألا وهي بروز الحركات الدّينيَّة المتشَدّدة التي تَتَخَفَّى تحت سِتار الدّين.

أحدها يُسَمّى “داعِش” وهو اختصار لكلمة ” الدولة الإسلاميَّة في العراق والشَّام” حيث يتم خلط هذا الإسم واسم نبيّنا الحبيب الدكتور داهش والمشتَقّ من الدَّهشة الذي يُشير إلى معنى الرَّوعة والعَجَب والإذهال. فتللتَشابُه الحاصِل في نُطق الكلمات يحدو الأمر بالقارِئ إلى الظَّن بأن الإسمَين مرتبطان ببعضه البعض. لكن لا شيء يمكن أن يكون أبعد من الحقيقة، فالداهشية هي حركة روحية سامية ودين تنوير هدفها الرئيسي هو إعادة الإنسانية إلى الإيمان  بالخالق من خلال تعاليم سماوية يقبلها العقل بالمنطق الدامِغ المُؤَكّد والمُثَبذت للحقائق العلمية وليس من خلال العنف والجهل. فرسالتنا السَّماويَّة لا يمكن أن تلتقي على طريق واحدة مع الحركات الأصوليَّة السياسيّة لِعِدَّة أسباب أهمّها:

 

  1. يؤمن الدَّاهِشيون بوجود أنظمة روحيَّة عادلة تسود أرجاء الكون وتؤمن بحقيقة التَّقمّص التي يُسْمح من خلالها للكائنات إلإنتقال إمّا إلى كواكب ذات درجات رفيعة أو كواكب ذات دركات جحيميَّة وذلك بحسب استحقاق الفَرْد بِنِسْبة أعماله.
  2. تؤمن الدَّاهِشِيَّة بوجود السيَّالات الرُّوحيَّة التي تربط العالم الماديّ بالعالم الرُّوحيّ، وهي تُعْتَبَر امتدادات لعالم الرّوح الذي لا يشوبه أي شائبة ماديَّة وموجودة على مستويات ودرجات متفاوتة منها العلويَّة أو الفردوسيَّة ومنها السُّفْليَّة أو الجحيميَّة؛ وهي مُتَمَثّلة بالمادَّة التي نراها بالعين المجرَّدة. إذن هي مسؤولة عن وجود الحياة في البشَر والنبات والجماد و الكواكب؛ إذن يعتَبَر السيال قوة جامعة تربط كل ما هو مادّي، معلوماً كان أم مجهولاً، مرئيَّاً كان أم غير مَرْئيّ،  وقد ورد مصطلح “السَّيال” بإلهام إلهي للأديب العظيم جبران خليل جبران رحمه الله وقد تمّ تَفسيره من قبل مؤسس الرّسالة الداهِشيَّة  التي بدأت بوحي إلهي في 23-3-1942
  3. تؤمن الدَّاهشيَّة بوحدة الأديان؛ أي أن أصلها واحِد؛ إذن هي سُبُلٌ مختَلِفة تؤدّي إلى الوصول إلى تعاليم الخالِق السَّماويَّة عَزَّ وجَلّ فهي سُبُل تنويريَّة على درجات و مستويات روحيَّة مُتبايِنة. وبخلاف الأديان السماويَّة الثلاثة تقر الدَّاهشيّة بالديانة البوذية كدين مؤسّس من قِبَلِ هادٍ وقائد روحيّ عظيم ألا وهو بوذا الحكيم. ومن المؤسِف والمُخْزي أن يشهد الإنسان دمار تراث عالمي ومعابد وآثار بوذيَّة وغيرها مِمَّا يمت للحضارة والإنسايَّة بِصِلة.

أخيراً وليس آخِراً، تضُمّ الرسالة الداهشيَّة نخبة من أرقى المثقّفين والأطباء كالدكتور جورج خبصا  والدكتور فريد ابو سليمان رحمهما والله وغيرهم. لقد آمنوا من أعماق قلوبهم بحقيقة الدعوة الروحيَّة السَّامية لما رأوه من معجزات ومنطق يخشع لبراهينه الدامِغة العَقل. لقد رأوا في الدكتور داهِش رجل الله الذي ثَبَّتهُم في معتقدهم الدّيني بواسطة معجزات تمَّت على يديه بواسطة الروح، الأمر الذي دفع بأعدائهم الجَهَلة إلى اضطهادهم وتعذيبهم اشَدَّ تعذيب.

 

لكن بعيد اندلاع الحرب اللبنانيَّة تم اختيار الولايات المتحدة الأمريكيَّة كمكان انطلاق جديد للدعوة الخالدة.

 

آملين وضارِعين إلى الله تعالى أن تنتشِر القيم الروحيَّة بالعدالة والمحبَّة الأخويَّة وحُريَّة المعتَقَد في العالم أجمع آمين.

 

بقلم يوسف سلامة