اضطهاد الكتور داهِش
بِقَلم يوسف سلامة
لَقد اضطهد الدكتور داهش أشد اضطهاد عُرف في البشريّة، وقد أمر الرئيس الأسبق بِشارة الخوري تجريده من جنسيّته اللبنانيّة دون إنذار ونفيه خارِج البِلاد.
لكنه عاد منتصِراً بإذن الله تعالى واستعاد جنسيته بعد سقوط الرئيس السّابِق بشارة الخوري عن عرشه. وغاية القول أنه في الثامن والعشرين من شهر أغسطس/آب عام 1944 حدث أن الدكتور داهِش كان متوجها إلى منزلهِ بالسيارة، وعند بلوغه منزله، وجَدَ عدداً من رجال الأوباش أو قُطَّاع المأمورين بإحاطة منزله . لكن الدكتور داهِش أمر السائق بمتابعة سَيْرهِ والتوجه فوراً إلى مخفَر البوليس. كان بِرفقتهِ في السيارة الأخوين الداهشيين الكبيرَيْن رحمهما الله جورج حداد وجوزيف حجار. ما إن بَلَغوا مخفر الشُّرْطة حتى أعْلَموا المسؤولين بمحاولة الإعتداء عليه طالبين إرسال قوَّة من رجال البوليس لِإيقاف الأمر، لكن كلماتهُ والأخوة كانت عَبَثاً إذ لَم يأبَهوا لكلامِه. فقد اتَضح فيما بعد أن عدم تجاوبهم كان على إثر أوامر سُلطات عُليا في البَلَد.
لقد كان للرئيس السابق بشارة الخوري اليَدُ الطُّولى في إصدار الأمر التَّعُسَّفي الجائر. وما سبب ذلك إلا الطائفيَّة العمياء إذْ اعْتَنَقَتْ الداهِشِيَّة الأديبة والفنانة الكبيرة ماري حداد زوجة صديق الدكتور داهش وهو جورج ابراهيم حداد الداهِشِيّ، وهي شقيقة زوجة بشارة الخوري أيضاً.
لَقد حاولوا جاهدين- فَصْلها (ماري حداد) عن الدكتور داهِش بِكُل ما أوتُوا من وسائل مُتاحة وذلك لأسباب عائليَّة خاصَّة. فتتدخلت النيابة العامة مع الشخصيات الرسمية ضِد الدكتور داهش متَّفِقَة مع شرذمَة من الوصوليين المجرمين للترَبّص أمام منزلهِ.
توجّه الدكتور داهِش مع الأخوين الداهشيين المخلصَين إلى منزل الدكتور مجددا لِيَجدوا أنَّ المسؤول الأمني يُحيي مُهَنّئاً الشرْطة الذين رآهم مُكَلفون باعتقال الدكتور داهِش بقصد اغْتيالِه.
وللإختصار، قاموا بِسَجن الدكتور داهِش وإهانته ثلاثة عشر يوماً كامِلاً؛ لكنهم لم يتمكنوا البَتَّة من إيجاد أي عِلَّة ضِدَّهُ.
وحدث أن طلب الذهاب إلى منزل جورج حداد.
وحدث أنهم لم يَدَعوه أن يصعَد لمقابلة شقيقته الأخت المجاهدة العظيمة في الروح أنطوانيت لدى وصوله، فنزلت والأخت ماجدة حداد للقاءه من فورهما. ما إن حاول الدكتور داهش التخلص من قبضات رجال الأمن الظالمين أولئك حتى قاموا بالإعتداء عليه شَرَّ اعتداء بالضَّرْب والشتم، وقد حاول مفوَّض التحري عمر طبارة اغتيالَه بطلقة مسدس، لكن الأخت ماجدة حداد ارْتَمَت على الدكتور داهش لتمنع الإغتيال، فَأُسْقِطَ في يده، مِمَّا اضطرهُ أن يطلق الرصاص في الهواء، الأمر الذي أدَّى إلى تَجَمْهُر المئات في ذلك الليل حيث المنطقة.
حدث أن صَعد الدكتور داهِش الدرَج، لكن الكوميسير محمد علي فياض أهوى بكعب مسدسه على رأس الدكتور داهِش بكل قوته فأفقده وعيه، فإذا به يتدحرج على درج المنزِل.
ثُم أخذوه في سيارة وجعلوا يشتموه ويضربوه طيلة الطريق من بيروت إلى حَلَب التي بلغوها في التاسِعة من صباح اليوم التالي. حيث أدخلوه السجن ليمكث فيه أربعة أيام دون طعام أو شراب. ثم اقْتداوه إلى الحدود التركيَّة حيث تركوه وشأنه آمرين إياه باجتياز الحدود بَعْدَ أن سَحبوا منه كل ما يملكه من أوراق ثبوتِيَّة.
هذه المقالة بأحْداثها الواقِعِيَّة مُقْتَبَسَة من مُقَدِّمَة كتاب قِصص غريبة وأساطير عجيبَة (الجزء الأوَّل).
اتشرف بالانتماء للداهشية