الإبتهاج والكِفاح
بِقَلَم مُنير مراد
ترجَمَة يوسف سلامة
تَخَيَّل، إذا صَحَّ التَّعبير، وجودَ شَخصٍ ذي مَنْزِلَةٍ (إجتماعِيَّة) تُعَدّ من أعلى مستويات المُجتَمَع، وأنَّهُ قد تَسَنَّى له أن يقطُن في أجمَل بِناء، حيث كُل شيء وفير، وأنَّهُ يتَمَتَّع بأفْضَل ما تُقَدِّمهُ الحياة في الثقافَة والعلوم والفنون الجميلَة ووسائل الرَّفاهية، والحُرِيَّة! ثُمَّ فَجْأة، يَجِد هذا الشَّخص نَفْسَهُ يحيا في أسْوَإ الأحياءِ الفقيرة على الإطْلاق التي تسودها قاعِدة الفَقْر والمَرَض والحُزْن والأمِيَّة والظُّلْم والجَريمة. (حَتماً) سيكون الأمْر صَدْمَةً يصعُب التَّعامُل معها مَصْحوبَة بالحُزن الذي يَصْعُب فهمه.
تَخَيَّل الآن وجود كيانٍ روحانِيٍّ مُقيمٍ في مَسْكنٍ سَماوِيّ، حيث يَتَمَتَّع بأروَع أسباب العيش الرَّغيد حاكِماً الكون مع نُظَرائهِ! إنّها وِحْدَة المسيح التي يديرُها الآب لِتوجيه النُّفوس الساقِطة في الكون بأكمَلِهِ! لكن وعلى حين غُرَّة يَحدُث أن يَجِد هذا الكيان الرُّوحِيّ نَفسهُ على الأرْض، وأنَّهُ يَعيش حياةً مع كائنات بَشَرِيَّة في عالَمٍ مِلْؤُهُ الشَّر والكراهِيَة والحَسَد والخيانَة والرَّغبات الجِنْسِيَّة ، والنَّهَم خَلْفَ الإحتياجات المادّيَّة، كما وَيُوَكَّلُ إليه مهَمَّة إيصال رسالة الحُبّ والسَّلام والأُخُوَّة البَشَرِيَّة، والتَّخَلّي عن الرَّغبات المادِيَّة في سبيل الإرْتِقاء الرُّوحِيّ.
لَقد دَخَل هذا الكيان الروحِيّ هذا العالَم في 1 يونيو 1909 وغادرهُ في 9 ابريل 1984، بعد أن عاشَ حياةً صَعْبَة للغايَة مِلؤها الحُزن والألَم مِن بَشَرِيَّة ما كانت تتقَبَّل التوجيه الروحِيّ بِالرغم من حضور (الرُّوح) بأشكال مادِيَّة (أمام العين المُجَرَّدة). إنَّ رَحيلَ نَبِيّنا الحبيب الهادي من عالَم الأرْض لَهُوَ فرحٌ عظيم، لِأنَّهُ عاد إلى مَنزِلِهِ السَّماوِيّ السَّعيد. ومع ذلك، فإنّ رحيله يُمَثّل حياة نِضال لأولئكَ الذين قَبِلوا تعاليمهُ، الذين عليهم الآن حَمْلَ رِسالته إلى جميع أنحاء العالَم.
الشُّكر الجزيل لكَ، يا نَبِيَّنا الحبيب الهادي، على تَضْحِيَتِكَ اللامحدودة، وعلى الإمتياز الذي منَحْتَنا إيَّاه لِحَمْل شُعْلَة التَّنوير إلى الإنسانِيَّة.