ماذا يَعْني الدكتور غازي براكس لي !

ماذا يَعْني الدكتور غازي براكس  لي !

بقلم مُنير مراد

ترجَمَة يوسف ق. سلامة

 

تُوفِيَ الدكتور غازي براكس في 28 ديسمبر 2014، أي بعد مِضِي سنَتَيْن وَشَهْر واحِد مِنْ انْتقال رفيقة عُمْرِهِ نَجْوى سلام براكس، وبَعْد ثلاثين سَنَة من انْتِقال النَّبي الحبيب الهادِي. لقد كتب الحبيب؛ الدكتور داهِش ذات مَرَّة: ” ما حياتنا سِوى ظِل زائل وسراب حائل ووجودنا كالبَرْق الذي وَمَضَ ومَضى.” من الصَّعب تَصوُّر أن الوقت قَدْ مَرَّ بِهكذا سُرْعَة! لَم يَمْضِ وقت طويل على انتهاء مرحلة شبابي حَتَّى رأيتُني أدخُل في خَريف العُمْر. أنا واثِق بأنَّه لن يَمُر وقت طويل قبل أن يأتي انتقالي من هذا العالَم لِأبدأ حياة جديدة في مكان ما في الكون الفَسيحْ. لقد كتب الحبيب داهِش أيضاً: ” الناس نيام! تتم يقظتهم عند الوفاة.”  فقط بعد الموت، تُكْشَف للنَّفْس العديد مِن أسرار الوجود. وبِمُجَرَّد أن نَخْلَع أجسادنا المادِيَّة، تُدْرِك النَّفْس (تَقَمُّصاتِها) منذ بدء التَّكوين أو تكوينات هذا العالَم، كما يُكْشَف له/ا أيضاً سَبَبَ عَيْشه/اعلى تِلْكَ الحالَة في كل تَقَمُّص أيضاً. في الثَّامِن والعِشرين من شَهْرِ ديسمبر من عام 2014 استيقَظ الدكتور غازي براكس.

 

إنَّ أوَّل ما أستطيع تَذَكُّره بِخصوص الدكتور غازي براكس هو في لبنان، وفي أيَّام مُراهَقتي. في ذلك الوقت عَقَدَ الدكتور غازي براكس سِلْسِلَة من الحَلَقات عن الدَّاهِشيَّة في عيادة الدكتور فريد أبو سليمان رحمه الله. و كان انطِباعي عنه في تلك الفترة أنَّهُ شَخْص على دِرايَة كافِية وتكريس. ومع تقَدُّمي في سِنِّ المُراهَقة، كنت أسْعَى إلى لِقائهِ كُلَّما زارَت عائلتي منزل الرِّسالة من أجل الحبيب الدكتور داهِش. ثُمَّ انْدَلَعت الحرب الأهْلِية عام 1975 فغادَرْتُ لبنان إلى الولايات المُتَّحِدة الأمْريكِيَّة. وفي عام ،   1976   انتقلت عائلِتي بالكُلِيَّة إلى الولايات المُتَّحِدة الأمريكيَّة، وكذلك نبيّنا الحبيب الهادِي.

 

لم أكُن أرى الدكتور براكس حَتَّى أواخِر مايو، 1978، أيْ عندما تَجَمَّع العديد من الدَّاهِشيين في إحْدى ضواحِي نيويورك للإحْتِفال بِيوم الأول من يونيو الموافِق لعيد ميلاد نَبِيّنا الحبيب الهادِي. وكان من بين الذين وَصَلوا من لبنان الدكتور براكس حيث اسْتأجَر شقُّة في مانهاتن بعد حَدَث الإحْتفال هذا. وكان الدكتور داهِش يبقى معه في شقّته في كثير من الأحيان. وأذكرُ زيارتهُ مع عائِلَتي في تلك الشِّقة. ثُمّ بَعْدَ ذلك عاد الدكتور براكس إلى لُبنان ولَم أرَهُ حَتَّى أواخِر شَهر ديسمبر من عام 1979 ، أي عِندما قامَ بِرِحْلَةٍ إلى بيروت لِقَضاء بِضْعَةِ أيَّام في منزِل الرَّسالة مع نَبِيّنا الحبيب الهادِي. أذْكُر بِوضوح عندما قال لي الدكتور داهِش أنَّ الدكتور براكس مُرْتَبِط بنَجوى سَلام. كان الدكتور براكس حاضِراً آنذاك حيث امْتلأ وجهه بابتسامة عريضة على إثر ذلك. هَنَّأتهُ ثم حدث أن عُدتُّ إلى الولايات المُتَّحِدة حيث لَم أرهُ حتَّى أواخِر عام 1986 ، عندما هاجَرَ إلى الولايات المُتَّحِدَة وَوُلِي منصِب مدير التَّحْرير للدَّار الدَّاهِشِيَّة للنَّشْر في مَدينة نيويورك.

 

من 1986 حَتَّى منتصَف عام 1992 كانت اتَّصالاتي مع الدكتور براكس قَليلة جِدَّاً. كان آنذاك مشغولاً جِدَّاً في وَضع بعض كتب نبينا الحبيب الدكتور داهِش، وكنتُ مشغولاً بإدارة عَمَلي. وأخيراً في عام 1995 كنتُ قد انتهيت من كتابة كتاب ” الدَّاهِشيَّة ورِحْلة الحياة” حيث طبعْتُ عشر نُسَخ منه كَمُسْوَدَّة قَبْل الشُّروع بإرْسالهِ للمطبَعة. ثُمَّ قُمْتُ بإرْسال ثلاث نُسَخ منه للدَّار الدَّاهِشيَّة للنَّشر لمراجَعَتِهِ وتَحْريرِهِ. تَوَلَّى الدكتور براكس، وفارِس زَعْتَر، وفوزي برجاس مُهِمَّة ذلك. حصل في أثناء ذلك تخابر كثير بيننا قُمْت على أثرهِ بتنفيذ التَّعديلات التي أوصوني بِتَغييرِها. وكانت أيضاً بِداية الصَّداقَة التي اسْتَمَرَّت أكثرَ من عشرين عاماً؛ أيْ مع الدكتور براكس وفارِس زَعْتَر. كنت أتَحدَّث على الهاتِف مرَّة كل أسبوع على الأقَلّ  مع الدكتور براكس للنِّقاش حول عِدَّة موضوعات، لكن غالِباً، عن الحالة التي آل إليها وضع الرَّسالة الدَّاهِشيَّة، هذا بالإضافة إلى زيارتي إيَّاه مَرَّة أو اثنين في العام.

 

في ذلك الوَقْت كُنْتُ دَائباًعلى نَشْر مقالات عن الدَّاهِشِيَّة في صَحيفة تُلَبِّي الشعوب العَربيّة الأمريكيَّة والعَرَبِيَّة الكَنَدِيَّة. الأمر الذي خَلَقَ بعض الخلافات بين بعض الدَّاهِشيين وبَيْني. وأخيراً، في عام، 1995، قام الدكتور براكس بتَرْتيبِ اجتماعٍ يكون بين أحد المُؤْتَمَنين على تُراث النبي الحبيب وبَيني. وانْتَهَى الإجْتِماع إلى اتِّفاق يُفْضي بأن أتَوَقَّف عن النَّشْر في الصَّحيفة المَذْكورة آنِفاً. وبدلاً من ذلك، أقوم بالنَّشْرِ في مَجَلَّة داهِشِيَّة كانت سَتَصْدُر لاحِقاً، وذلك وِفْقاً لِرَغبة نَبِيّنا الحبيب وتوجِيهِهِ. وقد تَمَّ إصدار أوَّل عدد من المَجَلَّة في عام 1995 حيث كان لي مقالاً فيها. لكن لِسوءِ الحَظ لم أُتابِع النَّشر فيها بسبب بعض الأفراد الذين ابْتَغوا تغيير ما ورَدَ في مقالاتي، الشيء الذي اعْتَبَرْتُهُ شكلاً من أشْكالِ الرَّقابة.

وبَدَلاً من ذلك، قَرَّرْتُ تَرْكيز جهودي على الكتابة والنَّشر على الإنترنِت.

في أغسطُس من العام 2001، شَعرتُ بِضرورة مُلِحَّة لكي يقوم الدكتور براكس وزوجته بِزيارَتي، وذهب بي الأمر إلى إرْسال تَذاكِر سَفَر لهُما، ولكن، اتَّضَح أنهما كانا يُخطّطا للقيام بِتلك الزّيارة وذلك لِسَبب ما ذُكِرَ في كتاب سيرة حياتهما (الخاصَّة) بِهِم. كانت زيارتهما الوحيدة إلى وِلايةِ فرجينيا مَعاً، في حين أنَّي كُنْتُ أزورهما مَرَّةً كُلَّ عام- كان هذا يَتِمّ عادة بعد “يوم الشُّكْر”.

 

بعد سنوات من بعض التَّقَدُّم أو عَدَمِهِ في الرّسالة الدَّاهِشِيَّة، رَكَّزْتُ جهودي على إيجادِ موقِع داهِشِي على شَبَكَةِ الإنْتِرْنِت، لِكَي يكونَ موقعاً لا يَعْتَمِد على رأيٍ شَخْصِي، بَل أن يَعْتَمِدَ على حقائِق تاريخِيَّة مُوَثَّقة، وتعاليم داهِشيَّة مَعْروفة. كُنت آمل بأن يقوم الداهشيون بالمُشارَكة في هذا الجُهْد، وأن يكون الأمر سبباً في لَمّ شَمْل الدَّاهِشيين، لكن الأمور لم تتحَوَّل بِهَذِهِ الطَّريقة. في عام 2004، وبِناء على طَلَبي، كان للدكتور غازي براكس دوراً فَعَّالاً في توفير نهْجٍ مُعَيّن بِخُصوص الموقِع (الإلكتروني)، مُراجِعاً بعض التَّرْجمات التي قُمْتُ بكتابتها. أنا لَسْتُ لُغوِيّاً ولا مُتَرْجماً مُخْتَصّاً، ومع ذلك، وبعد سنوات من ترجمتي لأعْمال الحبيب الأدبِيَّة، وما جاءَ عنه ولهُ في الصُّحُف والمَجَلَّات وبَعْض المنشورات الدَّاهِشيَّة والوثائق؛ فقد كانت النتيجة النِّهائيَّة لِذلك إنشاءُ موقِعاً يَنْقُلُ إلى الطالِب، مَعْلوماتٍ دقيقة عن داهِش والدَّاهِشِيَّة.

 

منذ ابْتِعاد النَّبِيّ الحبيب عَنَّ وسطنا، كان لي أُمْنية وهي أنَّه إذا ما تَزَوَّجْتُ، يقوم الدكتور غازي براكس بكتابة رَمْزٍ داهِشِيّ مُقَدّس، يكَلِّلُ فيه اتّحاداً روحيَّاً- وِفْقاً للطُّقوس الدَّاهِشِيَّة. وبحلول عام 2006، كنتُ قَد أحِبَبْتُ امرأة جدَّاً، واتَّفقنا على أن يُنشِئ الدكتور غازي براكس هذا الإتحاد الرُّوحِيّ. طَلَبْتُ من الدكتور براكس أن يَفْعَل ذلك في 29 يوليو 2006 ، أثناء زيارتي له وزوجتهُ، وحدَث أن اتَّخَذْنا القَسَم المُقَدَّس للزَّواج. لكن، وفي أقَلِّ من عامٍ، حَدَثَ أنَّهُ كان على الدكتور براكس أن يعزّيني ويُقَدّم لي المَشورة والطَّمأنينة بعد أن تَمَّ خَرْق اليمين المُقَدّس للزّواج الأمر الذي أدَّى إلى تَحَوُّلِ حياتي رأساً على عَقِب.

 

في نوفمبر من عام 2012، كان من المُفْتَرَضِ أن أَزورهُ، كما جَرَت العادة بالنّسبة لي للقيام بِذلك بعد عيد الشُّكر، ومع ذلك لم أتمَكَّن من الوصول إليه. وفي اليوم التالي، اتَّصَل بي وكان يبكي مُلْقياً عَلَيّ خَبَر وفاة زوجَتِهِ نجوى. كان الخَبَر صادِماً بالنّسبة لَهُم ولَنا! كانت تصْغرهُ سِنَّاً ولَمْ يَكُن لَديها مشاكِل صِحِيَّة. لقد ماتت في أثناءِ نومِها. فَتَدَهْوَرَت حال الدكتور براكس. كان الوقت متأخراً جِدَّا للسَّفَر في ذلك المساء، إلا أنَّني فَعَلْتُ ذلك قبل بُزوغ فجر اليوم التالي. وصَلْتُ في الحادية عشرة صَباحاً، وَقَضَّيْتُ بعض الوقت مَعَهُ محاوِلاً تَعْزيَتهُ قَدْرَ المسْتَطاع. كان عليه في اليوم التَالي تَسْوِية بعض الأمور المالية في البنك، وبعد ذلك بِقَليل، أقْنَعْتُهُ للبَقاءِ معي عِدَّة أيَّام في ولايةِ فرجينيا. لاحَظْتُ أنه كان يُعيدُ نفْسَهُ كثيراً فخامرَني الشَّك بأن الأمر بات يَسْتدعي الطّب. عندما عُدْتُ بهِ إلى نيويورك، كان على موعِد مع طبيب فأَخَذْتُهُ إلَيْهِ. ثُمَّ قُمْتُ خِلْسَةً بِتَمرير ورقة إلى الطّبيب مُبَيّنا فيها بأنّهُ (الدكتور براكس) بات يَنْسى كثيراً. فأمر الطبيب بإجراء فحوصات مُكَثّفة عَليه، ونعم، كان اعْتِقادي صَحيحاً للأسَف . كان يُعاني من مَراحِل مُبكِّرة من الخَرَف، وبالتَّالي وصِفَت له عقاقير للحَدِّ من سُرْعَةِ تَوَغُّلِ هذه العِلَّة.

 

لِمُدَّةِ عامَيْنِ، كنتُ أَتَحَدَّثُ معهُ كُلَّ مساء، مُصْغِياً إلى اكْتِئابِ حديثهِ عن فقدهِ لِزوجَتِهِ وعن شوقه لمغادَرَةِ هذا العالَم، وكثيراً ما كان يجهَشُ بالبُكاءِ. كانت ذاكرته آخِذة بالتَّلاشي شيئاً فَشَيْئاً. كما أنَّهُ ما بات قادِراً على القراءة والكتابة. وفي شهر أكتوبر من عام 2014، كان عليه الدُّخول إلى مستَشفى ثُمَّ في وقت لاحِق إلى مُنشأة مُساعَدة حَياتِيَّة، إذ لم يَعُد قادِراً على رِعايةِ نَفْسِه. وحَدَث أنَّهُ أثناء إقامته القصيرة هناك أنْ سَقَطَ على رأسِهِ، وأخَذَت الأُمور مُنْعَطَفاً حادَّاً جِدَّاً إلى الأسْوأ. صار غير قادِرٍ على المشي والتَّعَرُّفِ على الأفْراد. كان في دار رعاية للمُسِنّين عندما زُرْتُهُ في شَهْر ديسمبر، وكنتُ عالِماً بأنَّها ستكون زيارَة وداعِيَّة لهُ. لم يَكُن لي أن أُصَدّق مَدى سُوءِ حالَتِهِ. وكنت أسمع بُكاءه عندما كان الممرّضون يقومون بِغَسْلِهِ. لم يكن قادِراً على التَّعَرُّف عَلَيّ، وقد أمضيت ساعات قليله معه. وبعد مغادرتهِ، قُمْتُ بِزيارة مَرْقدَ الحبيب، وصَلّيتُ إلى الله سُبْحانهُ وتعالى أن يُخَفّفَ مُعاناتهُ. في الثامن والعِشرين من شهر ديسمبر 2014 غادَرَ هذا العالَم بعد حياةٍ مليئة بالكِفاحِ والعَمَلِ الجاد من أجْلِ ما يُؤْمِنُ به.

 

كُنْتُ سعيداً لِرَحيلِهِ، لأنهُ الآن يُمْكن أن يعيش حياة أكثَر سعادة ويكون مُتَّحِداً مع نَبِيّنا الحبيب، وأيضاً مع رَفيقة عُمْرِهِ نَجوى. ألا فليَرْفَع الله تعالى رُتَبَهُم الرُّوحِيَّة، وأن يَضعهما في أعْلى درجة نَعيمِيَّة. إلا أن حُزْني كان  كَبيراً فانْتقاله يُشَكّلُ خسارةً عظيمة للدّيانةِ الدَّاهِشِيّة. ومهما كان، لَقَد أنْجَزَ كتابة الكتاب الدَّاهِشِي، وأرْسلَه إلى دار النّشر للإعْداد لِطَبْعِه. يَضُمُّ الكِتاب آلاف الصَّفحات وسيكون مُرْشِداً لكل مُهْتَمٍّ بالدَّاهِشيَّة. وقد كَتَبَ مع زوجتهِ سيرة حياتهما في كتاب ذي أربَعَةِ أجْزاء.

 

ندعو الله أن يكون عَمَلهُ الجاد والتَّفاني في إيمانِهِ، وحياة الصَّالِحين التي عاشَها أن تكون مصْدَرَ إلهامٍ لَنا جميعاً. وندعو الله تعالى أن تكون كِتاباته مَنارَةً للتَّنوير الرُّوحِيّ للبشريَّة جمعاء. كان أكثَر من صَديق بالنّسْبَةِ لي، كان مُعَلّماً وبمثابة أب.

 

ندعو  تعالى أن يُعَجِّل اللقاء.

 

منير مراد

يناير 11 ، 2015

تعليقان (2) على “ماذا يَعْني الدكتور غازي براكس لي !”

  1. الشكر الجزيل على الترجمة.
    ” ما حياتنا سِوى ظِل زائل وسراب حائل ووجودنا كالبَرْق الذي وَمَضَ ومَضى.”
    كتابات الدكتور غازي نبع المعرفة المتجدد. ألا فليرفع الله درجته الروحية.
    أرجو أن تسمح العناية بطباعة ونشر كتابه الموسوعي.
    والسلام.

  2. شكرنا الجزيل لِحضوركم الكريم الذي نُقَدّرهُ كثيراً.
    نعم نسأل الله تعالى يَحْفَظهُ في أعلَى درجات النَّعيم العلويَّة وأن يُبْعِد عنهُ كل مكْروه.
    ونسأل الله تعالى كل ما فيه الخير لنا ولكم وَلِكُلّ من يجتهِد قولاً وفِعْلاً في إرْضاء الله عز وجَل خالق البرايا، وبسماع كلمة نَبِيّهِ الحبيب (الدكتور داهِش) الموجودة في كتبِه الموحاة من خالِق البرايا.
    تقديرنا الدَّائم مع احتِرامنا الجزيل.

التعليقات مغلقة.