أرشيف التصنيف: خواطِر

مرفوعة إلى روح أبي الحبيب قبلان سلامة رحمه الله

لقد انتقل والدي الحبيب عن دُنيانا في الثاني عشر من شهر تشرين الثاني- نوفمبر، عام 2019. لقد عاش حياة المؤمن التَّقي. تعّرف إلى الرسالة على يد الدكتور فريد أبو سليمان رحمه الله أواخِر الأربعينات. كان يعْمَل في مجال التمريض، وقد عُرِفَ بنزاهته َحتّى أنه كان يُساعِد المرضى في قريتنا دون تقاضي أي أجر وذلك بِشهادة منهم فَرْداً فَرْداً!توثّقَت صلته بالدكتور فريد والدكتور خبصا بِشِدّة؛ مما ساهَم في زَرْع الإيمان في عائلتهِ.وقَد عاشها وفق قِيَم الرسالة حتى يومه الأخير، برغم الاضطهاد الذي نالَهُ والمرض الخطر جِدّاً الذي اصابَهُ. أسأل الله تعالى أن يَشْمَلهُ بعين عنايته مُرَقِيَّاً درجته ليكون مع النبي الحبيب درجات المجد العُلْيا بإذن الله تعالى. ووفقاً للأمر كتبْتُ شِعراً نَثرياً أدبياً كان فيه (التصوّر) الأدبي بعامِل الخيال بناء على حقيقة سلوك أبي رحمه الله ذلك السلوك الأمثولة وِفق تعاليم النبي الحبيب.

بِقَلْم يوسف قبلان سلامة

للحُبّ أَوجُهٌ بريقُها أبعادُ دَرَجاتِ السَّماء

لَمَحتُ نيزَكاً يُشِعُّ بِكُلّ لَونٍ يَخُطُّ بنارِ الطُّهْرِ أسْماءً

ثُمّ تَوَقَّفَ في قَلْبِ السَّماء وهناكَ صُوِّرَ أمام ناظِرَيّ نَبِيٌّ كالمَلاك

على جبينِهِ اسمَ النّبيّ الحبيب وعلى قلْبِهِ اسم قبلان كما في الأفلاك

ثُمّ رأيتُ شُعاعاً نارِيَّاً يَمْتَدُّ كالنَّهْرِ من رُبى الكواكِب

كان كالسّيف يَشُقُّ الأرْضَ كقُطْبٍ للسماء يُواكِب

وَدَوّى صَوتٌ من العَلْياء قائلاً: تَكَلَّم وانشُر ما اخْتَبَرْتَ

وإذا بِدموعٍ كالأنهار تجري كينبوعٍ خريرُهُ حديثُ ما رأيتُ وَقُلْتُ

كبَطَلٍ للحَقِّ مُدافِعٌ بالعَدْلِ للنبي للحبيب يُرْضي وَيَسْمَعُ

للمسكين سَنَدٌ للجائعِ خُبْزٌ وسيّالهُ للرّقِيّ يَلْمَعُ

الإيمان تُرْسُهُ والبِرُّ دِرْعُهُ وبِأجْنِحَةِ الإيمانِ للحبيب الهادي يَرْجِعُ

ثُمَّ ساد صَمْتٌ مُهيبٌ على المسكونَةِ فيه خشوعٌ وَدُموعٌ

وإذا بالملاكِ يَحُطُّ بِلَمْحِ الوميضِ من عليائهِ فوقَ الأرْضِ

وإذا بِأبي على اليابِسَةِ يَنْزِلُ ويَرْفَعُ لي يدهُ يُحَيّيني بِرِضى

تَقَدَّمْتُ وإذا بِقوى الشَّرِّ تَمْنَعُني كأنَّها على نَفْسي فُرِضَتْ فَرْضاً

وبَعْدَ صِراعٍ مرير إذا بي أراني جاثياً عند قدميه بحزن

بُنِيّ، قالها بهمس: ألا تعْلَم أن آلامِكَ هي آلامي

وإذا بدموعي تستحيلُ ناراً ودماً انطفأ عِند قدميه بخوراً بسكون

ثم يحْملني ويعانقني وإذا بِنا روح بجسدين في صلاة

وصلاة الحبيب الهادي تُتْلى من السماء

وألْفَيْتُ نفسي وقفاً حيث انطلَقْتُ

ورأيتُهُ يُوَدّعني والحبيب بانتظاره، وإذا بالمَرْكَبَةِ تنطَلِق كالشهاب

متوارية في الغَمام وخُطَّةُ السماء العادِلَة تجري على يدِ النبي الحبيب في الأحبابِ

ولاح لاحت المركبة خلف الضباب كنورٍ لامع خلفَهُ

والجُثَّةُ تتوارى خَلْفَ التراب

كُلُّهُ كامِنٌ في الوَجْهِ

 

بِقَلَم منير مراد

ترجمة يوسف ق. سلامة

 

مَرَرْتُ عَبْرَ قصيدة نَثْرِيَّةٍ كنت قد كَتْبْتُها قَبْلَ سَنَواتٍ عَديدَةٍ تَحْتَ عنوان: ” هل الوَجْه هو كل ما في الأمر؟” في ذلك الوقت كنْتُ ساذجاً في نواحٍ كثيرة لِدَرَجة يُؤسَف لها، وقد بَلَغَ بي الأمر إلى دَرَجَة  أنَّني كلما بَلَغ بي الظن أني تجاوَزْتُ مَراحِلَ السَّذاجة، كُنْت في الواقع لا أزال فيها. لقد سَمَحْتُ لمشاعِري لا لِعَقْلي أن يُسَيْطِرَ على حَياتي. ونَتيجة لِذلك عانَيْتُ كَثيراً، ولا يَجْدُر بي إلقاء اللوم إلا عَلى نَفْسي، لأنِّي قَرأت ما كَتَبَهُ النَّبِيّ الحبيب الهادي، الدكتور داهِش، عن قضايا مُعَيَّنة، إلَّا أنني اخْترْتُ عَدَم الأخْذ بِكلماتهِ، ومن ثَمّ إيجادي الطريق الصَّعْب بِنَفْسي.

كُنت متوِقَّعاً وجود الصَّداقة الحقيقيَّة في هذا العالَم، لكني ما عثرْتُ إلَّا على شَظايا مِنها. وإليكم ما كتبه نَبِيُّنا الحبيب الهادي، الدكتور داهِش عن الصَّداقة، يَليهِ ما قَدْ كَتَبْتُهُ بِنَفْسي:

 

“بِرَبِّكِ أيَتُها الصَّداقة البَريئة، أنْبِئيني في أيّ أُفُقٍ تَحْيَيْن؟”

 

“حينَ تَشُكّ بِأقْرَب المُقَرّبينَ إليكَ، تَبْدأ في فَهْمِ حَقائِقِ الكونِ وأسْرارِهِ الخَفِيَّة.”

 

” كُنْتُ أَظُنُّ أنَّني وَجَدْتُ الصَّديقَ المُخْلِص الوَفِيّ، والخِلّ المُنَزَّهُ عن الغاياتِ وَ المَقاصِدِ، ولكن سُرْعانَ ما صَدَمَتْني الحقيقة المُرَوِّعة، فألْفَيتُني مَخْدوعاً.”

 

“الحَكيم هو مَنْ كَتَمَ خطير الأمور عن أعْظَمِ صَديق يُؤْمِنُ بِصَداقَتِهِ. فَقَدْ يأتي يوم يَنْقَلِبُ فيهِ ذلك الصَّديق إلى صِلٍّ يُريدُ الفَتْكَ بِصَديقِهِ القديمِ، فَلا يَجِدُ عِنْدَهُ سِلاحاً نافِذاً، فَيَضْطَرُّ لِأنْ يَنْثَنِيَ على نَفْسِهِ، يَفْتُكُ بِها لِشِدَّةِ غَيْظِهِ، وَحَفيظَتِهِ.”

 

كلُّهُ كامِنٌّ في الوجه  

 

رأيت رَجُلاً  كانت تَعْمُر وجهه ابتِسامَة، وَقُلْتُ لِنَفْسي:

“هذا هو الرَّجُل الذي يُمكن الوثوق به، فالوجهُ يَعْكِس صَفاء روحهِ”

و معَ تَعَرُّفي إلى هذا الشَّخص بِشَكل أفْضَل ، تَبَيَّن لي أَنْ إِنْ هو إلَّا شَقيقي قايين…

رأيْتُ الرَّجُل الذي كان مُهيباً جِدَّاً وَجههُ وقُلْتُ في نَفْسي:

” هذا رَجلٌ حَلَبَ من الحياة شِطرَيْها، فإذا ما صِرْتُ صَديقَهُ، أصْبَح بإمكاني مبادَلَتهُ الإبْتِسامة”

و مَعَ تَعَرُّفي إلى هذا الشَّخْص بِشَكْلٍ أفْضَل، بَرُأَتْ جراحهُ، ونَسِيَ آلامَهُ، وهذا ما حدَث معي كذلك.

 

رأيت امرأةً ذات وجهٍ جَميلٍ فَقُلْتُ في نَفسي:

هوذا امرأة ليْسَ لَديها أي مشكلة في إيجاد أصدقاء، فجمال وجهها جَذَاب.”

ولكن مع تَعَرُّفي إليها بِشَكلٍ أفْضَل، أدْرَكْتُ أن قَلْبها مَليءٌ بالنُّدوب– وذلك بسبب مَن هامَ في حُبِّ وَجْهِها لا رُوحها.

 

رأيْتُ امرأةً ذات ملامِح تَنُمّ عن القسْوة والبُخْل، وقُلْتُ في نَفْسي:

“هوذا مَنْ سَتخيفني حَتَّى الموت، فلا يُمْكِن أن تُتَرْجَم هكذا ملامِح إلَّا إلى التَّسَبُّب بِالألَم إلى كُل مَنْ كان حولَها.

“ولكن مع تَعَرُّفي إليها بِشَكلٍ أفْضَل، عَلِمْتُ أن قَلْبها أحْلَى من العَسَلِ؛ وأنا الآن أَحْسِدُ كل من كان له الحَظ بأن يكون قُرْبها…

 

رأيْتُ المَزيد والمَزيد مِنَ الوجوه فَقُلْتُ في نَفْسي:

لَقد كُنْتَ على خطإ مِراراً وتِكْراراً.. مَتَّى ستَتَعَلَّم أن لا يكون تَفْسيرَك للشَّكل البَشَرِي مَبْنيَّاَ على المَظْهَر الذي من شأنهِ تشويه النَّفْس في طَبيعَتها؟

كم أتَمَنَّى أن تكون نَفسي عَديمة الشَّكْل، تعيشُ وسط نفوس أخرى لا شَكل لها؛ حيث يكون العامَل المشترَك بينها هو المشاعِر الحقيقيَّة فَقَط…

 

مُنير مراد

4 يوليو 1997

كم هو جميل وكم هو رهيب

بِقَلَم مُنير مراد

ترجمة يوسف ق. سلامة

 

كم هو جميلٌ عندما:

يبتسِمُ لك طِفْلٌ فيذوب قلبكَ محبَّة!

يُبادِلُكَ مَن تُحِب حُبّاً حقيقيَّاً.

تُعْطي دون مُقابِل فَتُقابَل بالتَّقدير.

تُساعد أحداً دون أن تسْأل مُقابِلاً أو ثناءً.

يُبادلك أحدهم المُعامَلة الحسَنة.

تَفْرح لِفَرحِ الآخر وتَحْزَن لِحُزْنهِ فيبادلكَ بِنَفْسِ الشُّعور.

تتفَهَّم حُريَّة الآخر ويَتَفَهَّم حُرّيّتكَ.

عندما تَتفهَم وتُقَدّر التَّنَوّعيَّة ويَكِنُّ لكَ العالم بِنَفْسَ الشُّعور.

عندما تَوَدُّ مشاركة كل لحظات حياتكَ مع حبيب/ة فَيَرُدُّ عليك قائلاً: ” كم أنت وَفيِّ”.

 

كم هو رَهيب عندما:

يبتسم لك طِفْلٌ لكنّكَ لا تُبادله بابتِسامة قَلبيَّة.

تُحِبُّ شخصاً في حين أنه لا يُحبّكَ أو يتظاهَر بِمَحبَّتِكَ!

تُعْطي دون مقابِل فيعْتَبِرُك المُتَلَقّي مَعْتوهاً ويَسْتَمر بإسْتِغلال طيبَتِكَ.

تُساعِد شخصاً فيرد عليك بالطَّعْن في الظَّهر.

تُعامِل أحداً بإحْتِرام فيُقابلُكَ بالإهانة والتَّحْقير.

تَفْرَح لِفَرح آخر وتَحْزَن لِمُصيبَتِهِ في حين أن مُصيبتك هي سعادته وسعادتكَ هي مُصيبتهُ.

عندما تَحْتَرم حُريَّة الآخر في حين هَمَّهُ هو إضلالَكَ.

تَحْترم حُريَّة الآخرين في حين يكون مبتغاهم تحطيمكَ.

عندما تحتَرم التَّنوّعيَّة في حين أن كثيرين في العالَم يستخدمونها لوضع الموانِع بينهُم.

تُريد أن تُشاركَ كل لَحظة من حياتك مع حبيب/ة فَيُجيبك قائلاً: “كم أنت أنانيّ”.