المقَدّمة بِقلَم يوسف ق. سلامة
مقَدّمة
إنَّ ما سيُطالِعه القارِئ في هذا المَقال الرَّائع لَهُوَ الحقيقة في حكمتها ورُقِيّها، إذ يأخُنا في رِحلة روحَيَّة مباركة نَقْطِف فيها ثِمار خِبْرة روحيَّة قَلَّ نَظيرها. فما كتَبَهُ الأخ العزيز مُنير مراد هو عُصارة خبرة اخْتَصَرها في سطور تُغْني عن كتاب. فَمُنذُ بِداية حياتِه واخْتباره للحياة بالتِزامِهِ بوصايا الدكتور داهِش نَجد أن الحَق يَكْمُن في تطبيق وصايا الرّسالة الداهِشيَّة التي تَدعو إلى الإيمان بالله وبوحدة الأديان؛ يُفَسرها من خلال عَمَل السيَّالات في الكون التي هي قوام الكائنات والعامل المشترك بينها. حيث ينتفي الفَرق بين الإنسان وأخيه الإنسان، حيث يكون المرء واحداً مع الطَّبيعة بالإعتناء بها كنَفْسِهِ؛ وبالتَّالي احتِقار ونَبْذ كل ما هو مادّي يُشُد النَّفس إلى الإنحِطاط والإندثار في دركات الجحيم. فهدفنا المنشود هو الإرتقاء الرُّوحي والإتحاد بكلمة الله تعالى حيث تجتمع السيَّالات إلى الأبد في كوكبها الفردوسيّ المنشود.
سيرى القارِئ مقالاً يشرح معنى العيش المشترك الحقيقيّ وكل ما يَمُت للروح من فَضائل مُبارَكة في معناها ومغزاها لا سيما من خلال اختبارِها الفِعْليّ التي الكاتب هو مِثالٌ عظيمٌ لها، في الرسالة التي جاءت لِتُذَكرنا بالمعنى الحقيقي للأديان.
هذا المقال قد نُشِر لأول مرة في العدد الأول لِمجلة صوت داهِش عام 1995
بقلم مُنير مراد
ترجمة يوسف ق. سلامة
هل يُمْكِن أن تَكُون الدَّاهِشيَّة هي الحَلّ؟
أنا عربي أمريكي جاءَ إلى الولايات المتحِدة الأمريكيَّة قبل عشرين عاماً، كنت آنذاك في السادسة عشر من عُمري. وقد طُبِعْتُ في تلك الأثناء على عادات وتقاليد شرقنا الأوسط التي كانت وسَتَبقى جزءا مِنّي. وبِرَغْم مرور حوالي جِيلَيْن على مكوثي في هذا البلَد إلا أن لهجتي الإنجليزيَّة ما زالت متواضِعة ، حَتَّى أن أغذية الشَّرق الأوسط ما زالت المُفَضَّلة لَديّ. وبَعْدَ انتقالي إلى هنا، شَعَرْتُ بحُبّ لأشياء في ثقافة وعادات وطني و بِبُغضٍ لأُخرى. وبرغم ذلك، وفي ذلك الوقت، كان يُداخَلني شعور عميق بأنني لَسْتُ من الشَّرْق وبضَرورة انتقالي إلى الغَرْب. تُرى هل كان ذلك الشعور ناتِجاً عن نُّفوذ الغَرْب المُتزايد في المنطَقَة؟ يمكن ذلك، لكن ، ودائماً، يوجد شيء اسمه المَصير.
أمَّا عن جَدَّايَ فبالكادِ تَمَكَّنوا من النُّزوح من تُركيا إبَّان المجزرة الأرمنَيَّة في عِشرينات القرن الماضي. وفي الأربعينات ، كان على عائلتي الإنتقال من القدس الى بيت لحم لتَجَنُّب القتال بين العرب والصهاينة، لِيجدوا أنفسهم في نُزوح من الضّفة الغربية في الأردن إلى لبنان بعد فترة وجيزة من الحرب الإسرائيلية-العربية 1967. عند اندِلاع الحرب الأهليَّة اللبنانيَّة غادرتُ وعائلتي إلى أمريكا.
وهكذا، في غضون ستة عقود، اضطرت عائلتي إلى تَخَلّي عن المنزل مَرَّات عديدة من أجل البقاء.
لَم تَكُن هذه التجرِبة خاصَّة (فَريدة) فَملايين البشر اختبروا هذه الحالة، وملايين آخرين قد يكونوا في اختبار لها حاليَّا أو سيختبِروها في المستقبل. لماذا؟ إنَّه سؤال مُحَيِّر! لِمَ يذبح الأتراك الأرمن؟ لِماذاَ يتقاتل العرب والإسْرائيليُّون؟ لِمَاذا يتقاتل اللبنانيُّون بين بعضهم البعض؟ لِهذه النّزاعات أسباب سياسيَّة، لكنها، تَحْدُث، بِسبَبِ الدّين كَسَبب أساسيّ.كم هو مُحْزِن! فبإضافتنا النزاعات الإقليميَّة والسياسيَّة إلى الدّينيَّة نحصل على إنسانيَّة غارِقة في البَغضاء. ويزداد الأمر سوءاً عندما نرى أن تَدَخُّل القوى الكُبْرى يأتي فقط عند تَوَفُّر مصالِح إقتصاديَّة في البلاد الحاصِل فيها النّزاع.
في الغَرْب، وجَدْتُّ أن المكان يواجه كثيراً مِمَّا يواجهه الشَّرْق، لكن على مستويات مُتَفاوِتة. ومن المشاكِل الطَّاعِنة للإنسانيَّة بالوباء هي التَّعَصُّب العُنصُريّ و العِرْقيّ وتهديم الوِحدْة العائليَّة. فإذا أردنا حَلَّا لِهذه المسائل، كيف يمكن ذلك؟ هل نبدأ بِثَورة مُسَلَّحة؟ هل نَتّجه صوب الأصوليَّة الدّينيَّة؟ لا بكل تأكيد. إن سفك الدماء لن يُنْتِج سوى مزيداً من البغض وسفك الدّماء.
لن ينتج عن الأصوليَّة الدينيَّة سوى عَزل الفكر الحُر للأفراد وبالتَّالي تسبيب الفوضى.
لكن عِوَض ذلك إذا حَكَّمنا التَّفكير السَّليم ستكون للإنسانيَّة فُرصة جديدة.
أنا أُقَدم مفهوماً فلسفيَّاً إذا تَمَّ تَبَنّيه سيقود إلى عالم مختلف وأفضل بِمراحل كثيرة. هذا المفهوم يُدعى الدَّاهِشيَّة.
في البداية، علينا التَّخلُّص من المُسبّب الرَّئيسيّ للكراهيَة الدّينيَّة. يمكننا التخلُّص مِن عَداء كهذا بِتَقَبُّل مُعْتقدات الآخرين. ودون قيد أو شَرْط على الدَّاهِشيّ أن يَقْبَل بأن أصل الأديان هو واحِد وذلك على اختِلاف أنواعها وجماعاتها ومستويات الوعيّ الفِكري لِأبنائها عبر الأزمنة.
الدَّاهِشيَّة لا تُفَرّق بين يهوديّ أو مسيحيّ أو مُسلم أو بوذي أو هندوسيّ. فالدَّاهِشيّ ذو الجذور المسيحيَة عليه أن يُنادي بتعاليم الإسلام وغيره من الأديان. والأمر نفسه ينطبق على الداهِشيّ الآتي من جذور إسلاميَّة أو يهوديَّة أو هندوسيَّة أو بوذيَّة أو أي دين آخر. فسِرَّاً أو علانيَّة،على الدَّاهِشيّ ألا يحمِل في قلبه تَحيُّزاً لأي دين عند حدوث نزاع بين جماعات دينيَّة . فخلافات كهذه تناقِض جوهر التعاليم الدّينيَّة. الداهِشي يقبَل بموسى و عيسى ومحمد وغيرهم كأنبياء لله. كذلك مارتن لوثر وغاندي وكثيرون غيرهم كَهُداة روحِيين. ولكن مِمَّا يُحيّرني هو أنه برغم عبادة أتباع الأديان لإله واحد، كُل يقول بِعِبادة الإله الواحِد. فإذا كانت كل فِئة تؤمن بقوة موجِدة واحِدة، ألا يقودنا الأمر منطقيا إلى الإستنتاج بأنهم يتحَدَّثون عن نفس الأمر؟ فإذا قبِلْتَ هذه المعادلات الثلاثة الآتية: أ+ب=ج، أ+ب=د، وأ+ب=ه فيكون الجواب منطقيّاً: ج=د=ه إذن على كل داهِشي أن يُسَلّم كامِلاً بأن الله واحِدٌ أحَد. إنه لهذا الإله الواحِد تُرْفَع صلواتنا. إن الإسم (بمعناه) الذي تُطْلِقْهُ على هذه القُوَّة الموجِدة هو غير ماديّ. باستطاعتك دعوتهُ َ، رَبّ، الله، أو أي إسم آخَر. الدَّاهِشي يعتَبر أن الله هو القوَّة المُهيمنة على الكون بأسْرِهِ ويؤمن أن من صِفاتهِ الكثيرة المَحَبَّة، العدل، الحكمة، المُسامَحة.
ولكن كيف يمكن لله أن يكون عادِلاً في حين انه يسمح بحدوث عِقاب أليم غير عادِل؟ كيف يمكن لله أن يسمح لِشَخص أن يولد أعمى و آخر بعينين سَليمَتين؟ كيف يمكن لله أن يسمح بولادة شخص فقير وآخر غَنيّ؟
إن الأمر أن الله عز وجَلّ عادل وما تراه هو إحقاق للعدالة. إن الداهِشيّ يؤمن بنظام عدالة كونيّ قوامُه مجازاة كل إنسان بحسب أعماله خيراً كانت أم شَرَّا، وذلك في حَيَواته السَّابِقة والرَّاهِنة. لا جريمة يمكن أن تَمُرَّ دون عِقاب، كما لا يمكن لِعَمل صالِح أن يَمْضي دون مكافأة. يؤمن الداهشيّ أن حياتنا الحاليَّة إنْ هي إلا فُصولٌ في سِفْرِ الحياة وأن انتقالنا من فصل إلى آخر يكون عبر التَّقَمُّص.
ومن وجهة النَّظَر هذه، التَّقمص هو رحمة إلهيَّة من لدن تعالى تَسْمح لنا بالعيش من فترة لأخرى حَتَّى يَتَسَنَّى لنا التَّخَلُّص التَّام من رِبْقة قوى الشَّر. إن مفهومَيّ النَّعيم والجحيم المُعَرَّف عنهما في الكتب المُقَدَّسة إنْ هو إلا تبسيطٌ زائد عن حقيقة الأمر هنالك.
إن العالمَ مليءٌ بالعوالم المأهولة. إن مجموع العوالم التي تَفْضُل عن عالمنا تُدعى النَّعيم أو العوالم الفردوسيَّة، كما تدعى العوالم المعْتَبَرَة أكثر دناءة من عالمنا بالدَّركات أو الجحيم. هل تعتقد حَقَّا بأننا الكائنات الحيَّة الوحيدة في الكون الشَّاسِع؟ ليست أرضنا سوى جُسَيم من غبار مقارنَة مع حجم الكون. لِمَ يذهب الله تعالى إلى هذا الحَدّ إذا كان همُّه الوحيد هو إيجاد حياة على الأرض؟ إن الكون واسِعٌ لأن الله ملأه بالحياة. يؤمن الدَّاهِشي بأن كل ما هو موجود خاضِع لِصراع الخير والشَّر لكن على مستويات متفواتة.
لا يمكن لأرواحنا بلوغ الكمال والإتحاد بروح الله في العالَم الروحيّ سِوى عندما نتحرَّر من قوى الشَّر بشكل نهائيّ. ليست حياة كل مِنَّا سوى مظهراً من مظاهِر الرُّوح الكائنة في هيئة مادّيَّة.
يُؤمن الدَّاهِشيّ بأن لهذه الرُّوح امتدادات لا عَدَّ لها متّخذة أشكالاً غير معدودة في عوالم النَّعيم والجحيم. وبكلمات أخرى، إن روح الفرْد مُتَّصِلة بعوالم ذوات أشكال حياتيَّة مُخْتَلِفة. تتميَّز الداهِشيَّة عن الفلسفات في فكرة الوجود المتزامن (الوجود في وقت واحد) في جميع انحاء الكون.
إذا غلبت دكونة أو خِفَّة لون بَشَرة على شخص عن شخص آخر فهل هذا يعني أن شخصاً أفضل من آخر؟ لا بكل تأكيد. لا علاقة لِصَلاح أو طلاح الإنسان بلون بشرته. الدَّاهِشيّ يُسَلّم بفكرة أن جميع السُّلالات يجب أن تُعامَل بالمساواة. لا يمكن لجماعة أن تُبَرّر استغلالها وسيطرتها على أخرى لمجرد أن لون بشرتها أخف وزناً من غيرها. عندما يقابل داهشيَّاً شخصا ذا لون مختلف فَعَلَيْهِ ألا يُثير في فْكْرِهِ أمْرَ تَفوّق إنسان على آخر؛ فهذا مُنْتهى الحَقارة. الداهِشي يُسَلّم بوجود حُبّ أخوي يشمل شعوب العالَم بأسْره. قد يختلف الرجال والناس في الهيئة الجسديَّة لكن ليس لِأيّ جِنس الحق أن يَسْتَغِل أو يُهَيْمِن على مُعْتَقَد الآخر. إن ما على كل داهِشيّ أن يُسَلّم بِه هو المساواة بين الرجل والمرأة في جميع نواحي الحياة. فما يطبَّق على الرجل يطبَّق على المرأة بالمساواة في أي قانون كان. إنني أجد أمر عدم المساواة بين الجنسين غامض بشكل تامّ. لماذا على امرأة متساوية في الحقوق والواجبات مع الرجل أن تحصل على أجْرٍ متدني كثيراً؟ لماذا على رجل عاد من عمله أن يَحْتسي البيرة ويشاهِد الُتلفاز ويتناول ورقة لقراءتها في حين أن على زوجته التي تتقاضى نفس الأجر أن تقوم بِتحضير الغذاء وغسْل الصُّحون وإيواء الأطفال إلى الفراش؟ لِمَ توجد هذه المعايير المزدوجة عندنا؟ إن الرجال الداهشيون يرون أن النّساء الداهشيات مساويات لهم والعكس صحيح أيضاً.
كل شخص هو في حالةِ تَغَيُّرٍ متواصِل. إن النزاعات اليوميَّة تعمل على إعادة تشكيل سلوكنا وعمليات التَّفكير لَدينا. فَليس إلا من خلال هذه التجارب أننا قادرون على صَقْلِ حواسنا وتجاوز الحالة الراهنة لدينا من الوجود. الحياة مليئة بالتناقضات – نحن منقسمون بين الماديَّة والرُّوحانيَّة، بين ما هو الحق والباطِل. أين نَضَع الخَط الفاصِل؟ تحت أي نِظام عَيش أخْلاقيَّ يُفْتَرَض بِنا أن نَعيش. هل هذا القانون منحوتاً على الحجر؟ كيف ستكون ردَّة فِعْلِ الناس على موقفك حول قضايا معينة؟ إنَّهُ في مواجهة هذه الأسْئلة تكون إستجابة الناس على نحو شَخصِيّ. إنَّ الأمر يَقْتَضي فَهْمَ ضعفاتنا البشريَّة وتنوّعنا.
لن يكون تفاعُل كل داهِشي مُطابِقاً للآخر تحت الشروط نفسها . إن الداهشيّ يتبع القواعِد الأساسيَّة التي تَنصُّ عليها جميع الأديان الكُبرى. ومع ذلك، لا يمكنه/ا أن يَقِفَ موقفاً أعمى اتّجاه القوانين التقليدية التي تُعَزّز التَعَصُّب والعنصرية والكراهية والعُنْف. كيف يجب أن نتعامَل مع بَعْضنا البعض؟ يجب أن يكون الداهِشيُّون إنسانيين. يجب أن يشعروا بالتعاطف مع المرضى والفقراء في هذا العالم وتقديم يد العون كلما أمكن ذلك. الداهِشي هو الذي يبكي مع المُعَذَبين ويفرح مع الفرحين. الدَّاهِشيّون لا يحسدون غيرهم، لأنهم يفهمون أنَّهُم سَيُعطَون كل ما لهم من حيث الثروة، والصحة، والذكاء، والحكمة بنسبة مباشرة حسب ما يستحقون. الداهشيون صادقون عند تعاملهم مع الآخرين، ولا يغمض لهم جفن ليلا إذا كانوا قد ظلموا رَفيقاً.الدَّاهِشيّ لا يَتَرَدَّد عن الصَّفْح، مُمْتَنِعاً عن الغَضَب. الصَّفْح ليس دائماً سهلاً، ولكن على المدى الطويل هو أسهل بكثير من أن تحْمِل الكراهية في قلبك. الداهِشيَّة ترفض فِكرة العُنْفِ. إن فَرْضَ إرادَتِكَ على الآخرين هو عمل بَرْبَرِيّ وغير إنسانيّ. إنه لِجَميعنا حَق التَّعبير عن أنفسنا بُطِرُق مختَلِفة. لكن اللجوء إلى القوّة الوحشيَّة أمر غير مقبول على الإطلاق.
ومن العار والخِزْي عند البشر أن يكونوا غير قادرين على حَلّ خلافاتهم من خلال الحِسّ السَّليم والحِوار. كيف يمكننا أن نواجه أنفسنا عندما نكون قد آذينا غيرنا أو فَرَضْنا إرادتنا عليهم لإثبات وجهة نظر ما؟ لسوء الحَظ إن العُنف يُحيطُ بِنا. أنظر إلى الحروب التي لا تُعَدُّ ولا تُحْصى التي تخوضها البشرية الآن وعلى مَرّ العُصور. الاغتيالات السياسية، والاضطهادات الدينية، وضَرْب واغتِصاب النساء، والاعتداء على الأطفال، وعدد لا يُحْصى من الأعمال الوحشية الأخرى. كيف نتعامل مع الكيانات الحَيَّة الأخرى على الأرض؟ الموارد الطبيعيَّة للداهِشيّ هي من أجل البقاء لا للإساءة إليها. إن الأرض ليست مأوانا فحسب بل مأوى بلايين الكائنات الأخرى التي لا قدرة لها على إيقاف الإستِغلال البشريّ لها. يُدرك الداهِشيُّون أن كِلا من النباتات والحيوانات هي كيانات حيَّة ذات مستويات من الوَعْي. إنهم يعانون مثلنا من الألم والمرض ومن قُوى الطبيعة. عندما نُحْرِقُ الغابات نقتل ملايين من الكائنات الحية. عندما نُلَوّثُ نهر أو مَجْرى نُسمّم كائنات أُخرى. الداهشية لديها التعاطف والرحمة لجميع خلق الله، وكذلك الإحترام للأرض الدَّاعِمة لنا حينما نَعيش والتي تحتضن بقاياناعندما نموت. إن طريقة قضائنا على الجهل هي من خلال المعْرِفة. الداهِشيون يُجِدُّون في طلب العِلم ويدرِكون معنى الحاجة لِصَقْلِ رُشْدِهِم.
البحث عن المعرفة هو الهدف الأسمى ويُؤدي إلى فهم أفضل لقوانين الطبيعة والإنسانية، و أهمَّها، القيم الروحية.
الداهِشي لا يَدّعي مَعْرِفة كل شيء لأن البشر بعيدون عن، الكَمال.
يتواضُع الداهشيين أكثر وأكثر كُلَّما أصبحوا أكثر دِراية في الأمور الروحانية. ويعتقد الداهشيون في حرية التعبير واحترام وجهات نظر الآخرين، هذا ولو كان الإختلاف صادراً عن أنفُسِهِم.
إذا كنتَ مُتَّفِقاً مع هذه الأفكار فأنت لست بعيداً من أن تكون من الدَّاهِشيين.
نرجو أن لا تَدَعو الإسم يُخيفكم. الداهشية هي رسالة روحية مُوَجَّهة إلى سُكَّان الأرض على أمل أن يتمكنوا من تجاوز التَّحَيُّزات الدينية والعِرْقِيَّة والإثنية، وأن الكثير من مباهِه الحياة إنْ هي إلا أُمور ظاهِرة (سَطْحَيَّة) لا معنى لها عديمة الفائدة في إغناء النَّفْس.
الداهشية تَدعو لإعادة الإعْمار الدّيني والاجتماعي وتناشد الأفراد لوضع أهمية أكبر على المسائل ذات الأهمية الروحية منها على المادية. على الرغم من أن الأفكار التي أقْتَرَحْتُ تَخْصيصَها هنا يمكن أن توصف بأنها مِثاليَّة، إلَّا أنَّ اعتمادها سيُحدث فَرْقاً حقيقياً في العالم.
الداهشية هي القوة التي نحتاجها لِرَفْعِ وعْيِنا.
المقال يشرح العديد من القيم والأفكار الداهشية، بطريقة مبسطة و عملية.
يستلهم الكاتب تجربته الشخصية في الاضاءة على القيم الروحية.
ما أحوجنا إلى هذه المساهمات في صحراء الواقع الذي نعيشه.
يغرق الشرق في جحيم الصراعات والحروب. يلهث الغرب وراء سراب المادة.
أيتها البشرية التعسة، هل تصغي لصوت السماء قبل فوات الأوان؟
بُوركت جهود الكاتب والمترجم. والسلام.
سلام الله، شُكر وتقدير عَميق لِقراءتكم ولِرَدكم الجميل المُفْعَم بالإيمان الصَّادِق والقِيمة التي نُقَدّرها كثيراً.
إحتِرامنا الجزيل.
بكل إخلاص،
يوسف سلامة